رجال ومواقف
عام 1914 حث الاتراك العربان من بدو بئر السبع على التطوع لفتح مصر فتطوع منهم نحو الف واربعمائه رجل بين فارس وهجان وقد سميت هذه الحملة بـ “حرب الترعه” او “جردة القنال” وكان من شروط هذا التطوع ان يتقدم البدوي بنفسه ودابته فقط تزوده الحكومة العثمانية بكل معدات القتال كالبندقية والسيف والمؤنة وعلف الدابه وقد وعدتهم الحكومة ان كل ما يغتنموه في الحرب هو لهم الا المدافع والرشاشات فانها للدوله وقد قام بجمعهم وتنظيم صفوفهم (ممتاز بك) احد رجال الجيش التركي ومرافق انور باشا وزير الحربية ثم تجمع البدو في (خان يونس) وساروا بقيادة ممتاز بك الى شبة جزيرة سيناء وخاضوا عدة معارك ابلوا فيها بلاءا حسنا وعقد لهم لواء النصر في عدد من هذه المعارك مثل معركة قطية 15 تشرين ثاني 1914 وسيطروا على القصيمه والنخل والعريش وكان من ابناء عشيرة ابوغليون من شارك في هذه الحملة كل من سلام حماد عويضة ابو غليون وحميدان محمد عويضة ابوغليون وجراد سويعد سلامة ابوغليون وقد قيل في سلام وبلائه في تلك الحرب :
سلام يا راعي الخضرا**** يلي فكيت الباشا
تقتّل في النصارى**** ميل الهمل النفاشة
——————–
ملاحظة: الخضرا هو اسم راحلة سلام.
فكيت بمعنى انقذت.
قال تعالى في محكم تنزيله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات: ١٠ وعن أبي ذَرٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ” إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ[ ]، جَعَلَهُمُ اللّه تحْتَ أيْدِيكُمْ. فَمَنْ كَانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مما يأكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِما يَلْبَسُ. ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ”. (متفق عليه)[ ].
من هذا المنطلق الإسلامي الكريم لم يكن اسم أبو غليون بهذه السمعة الحسنة والاحترام والتقدير لولا صنائع وأفعال الأجداد الكريمة التي وافقت الفطرة السليمة والنهج الإسلامي الحميد، يذكر أن ارفيع أبو غليون كان له مولى يسمى سرور، وقد أدناه منه بمنزلة الإبن ، حيث كان سرور يأمر وينهى، وقام ارفيع بتزويجه كعادة أبناء العشيرة الآخرين ممن يملكون موالي، حتى إن ارفيع قام بتقسيم أملاكه على أبنائه أثناء حياته واحتسب لمولاه سرور سهماً مثل أبنائه، وفي حادثه طريفه عندما طلب سرور من إحدى زوجات عمه تجهيز طعام لضيف تذمرت (( وقالت جننتنا يا عبد البين كل شوي تطلب طعام )) وعلى إثر هذا الكلام قام سرور برمي الطلاق عليها ، وعندما رجع ارفيع لبيته أخبره سرور بأن زوجته تقاعست عن إكرام الضيف وطلقتها فقال له ارفيع: (طالما أنها تقاعست عن إكرام الضيف أنت بتمون وطلاقك لها ماشي)، يذكر أن سرور عقب ثلاثة أبناء هم عبد القادر، وعليان، وسليمان الذي توفي عام 2005 م.
رحمه الله عليهم جميعاً والحمد لله على نعمة الإسلام.
في مقابلة لـ سليمان أبو عبيد مع الحاج خليل موسى الشامي ( 1) وبعد سرد الحاج عدة قضايا ” …….. وسكت الحاج هنيهة وقال: “آه على أيام مضت!! يا بني لا تفتح الجروح” ……. ولما طلبنا منه أن يحدثنا عن مشهد ما زال في ذاكرته عن بئر السبع قال: “لما سقطت بئر السبع قامت السلطات الإسرائيلية باستدعاء الشيخ سليمان أبو غليون ( من مشايخ الجراوين ) وقالوا له: “اطلب ما تريد.. قال: أريد الأرض والعِرض”.. قالوا له: “الأرض لا.. أما العِرض فهو محفوظ” ……. “
في بداية ثلاثينيات القرن الماضي باع شخص من عشيرة أبو عاذرة يلقب ( ناقص خلقه) فرس أصيلة إلى شيخ من قبيلة بني صخر (…) بطريقة بيع المثاني ( ما تنجبه الفرس أولاً وثانياً من الأمهار تكون لصاحبها الأول )، ومرت الأيام ووصل علم لأبي عإذرة أن له فايضة ( مهرة ) لدى المشتري على أثر ذلك حضر أبو عإذرة إلى شرق الأردن وطلب فايضته منه إلا أنه طرده ورفض إعطاءه الفايضة، فما كان من ناقص خلقة إلا أن اغتنم مناسبة عرس لدى احد شيوخ الفايز في منطقة اللبن واثناء تقديم الغداء للضيوف حل رسن فرس وركب عليها وسابق الريح باتجاه ديرته ، وعندها قفز بعض الفرسان يريدون تعقبه إلا أن صاحبها الشيخ محمد الزهير نهاهم وقال لهم يا رجال فرسي ما تنلحق ، عند ذلك طالب الشيخ محمد الزهير المشتري بالفرس لأنه هو من تسبب بهذا ، وحلاً للمشكلة قام الشيخ مثقال الفايز بصحبة سردية خياله ومعهم الفايضة بالتوجه لديرة السبع حيث حلوا ضيوف على الشيخ أبو شنار من التياها، وقد أكرمهم وأحسن وفادتهم، واعتذر عن مساعدتهم، وأشار عليه بالذهاب إلى الحاج رفيع أبو غليون كون أبو عإذرة جار له. وفعلاً حل الشيخ مثقال الفايز ورفاقه ضيوفاً على الحاج رفيع، وقد أكرمهم وأحسن وفادتهم وبعد أن تناولوا طعام الغداء أحضر المعزب بطيخة كبيرة وسأل الشيخ مثقال أين الأرض التي أنتجت هذه البطيخة فقال له الحاج رفيع إنها زرعت في أرضه في الدبيبه، قال عندها الشيخ مثقال كلمته المعروفه لدى الكثيرين (( بطيخة من الدبيب تعادل اللبن والطنيب )) وبعد ذلك أعادوا الفايضة إلى أبو عإذرة وأعاد لهم فرس ابن زهير.
يذكر الأجداد أن الشيخ سلامة أبوغليون رحمه الله دفع من ماله الخاص لقاء عدم ترحيل الترابين، حيث كان من المقرر ترحيلهم من قبل الحكومة التركية لاتهامهم بمخالفة شروط الصلح التي أجرته الحكومة بين العشائر من خلال الإدعاء بأنهم قتلوا اثنين من عشائر التياها فأتخذت الدولة العثمانية قراراً بترحيلهم عندها تعرض المرحوم الشيخ سلامة أبوغليون، وتمكن من إقناع الوالي بالاكتفاء بدفع غرامة مالية كبيرة، وقد دفعها أبوغليون.
يذكر أن الشيخ سلامة أبو غليون رحمه الله قام بدفع فدية مالية كبيرة، إضافة إلى ناقته و حوارها إلى الوالي التركي من أجل اعفاء ابناء البدو من الخدمة مع الجيش التركي، إذ ورد في مذكرات الحاج عطية علي أبوغليون أن الوالي التركي طلب أخذ أبناء البدو وإرسالهم للحرب في الجبهات المختلفة في أوروبا (السفر برلك) واليمن، وتذكر الروايات أن الشيخ سلامة أبوغليون أتفق مع شيخ من العزة ( صديق للوالي ) على مرور ضعن رحيل من البدو أثناء جلوس الوالي مع الشيخ العزة وذلك في مدينة غزة، وعندما رأوا الضعن يسير من أمامهم قال الشيخ العزة للوالي أنظر إلى البدو الرحل هم ونسائهم وأطفالهم على الجمال لا يمكن يا باشا إجبار هؤلاء الناس بأخذ أبنائهم للحرب بالقوة وأرى أن يكتفى بدفعهم فدية مالية فوافق الوالي، وقام الشيخ سلامة بدفع الفدية، وشمل هذا العفو جميع أبناء بدو فلسطين قاطبة.
يذكر السيد علي حسين سويعد أبوغليون في حادثه تدل على المروءه والشجاعة ، ان بعض ابناء والقبائل والعشائر التي أصبحت تحت الحكم المصري ترى أن في الصمود والبقاء على الأرض يعتبر بمثابة خيانة وعماله وعليه وعندما ثبتت عشائر الجراوين ولم تغادر اراضيها اصبحت هدفا سهلا لهم ، حيث بالإيعاز من اليهود قام بعض ابناء القبائل والعشائر بالتسلل ليلاً والهجوم على عرب الحاج رفيع أبو غليون مستغلين مصادرة أسلحة العشيرة، حيث قتلوا بعض أفراد العشيرة منهم الحاج رفيع أبو غليون، ومعيوف أبو غنيم، ومسلم أبو راضي وجرح آخرين، وعلى أثر تعقب المهاجمين من قبل سالم جابر أبو غليون ببندقية كان قد خبأها استطاع المهاجمون عمل التفاف عليه وأخذه أسيراً، ولكن من حسن الحظ صادف مرور مهربين مسلحين حيث أخذوا سالم جابر عنوة من المهاجمين ، وفي هذه الأثناء ظنت العشيرة أن سالم قد قتل الا ان المهربين اطلقوا سراحه حيث عاد إلى أهله وتفاجأ الجميع بعودته سالماً وكان ذلك أثناء مراسم العزاء، وبالتالي انقلب الحال من الأتراح إلى أفراح ، وفي هذه الاجواء حضر الشيخ قاسم أبو صعيليك مهنئاً بسلامة سالم جابر، وقام والدي الحاج حسين أبو غليون بعمل وليمة عشاء تكريماً للشيخ قاسم أبو صعيليك، وعند جلوس الشيخ قاسم قام باركاء بندقيته على الواسط الا انها سقطت على الأرض وخرجت منها رصاصة أصابت أخي يوسف توفي بسببها على الفور، الأمر الذي دعا والدي لكتمان خبر الوفاه عن الضيوف لما بعد تقديم العشاء لهم ، وقد عاتب الشيخ قاسم والدي على هذا الفعل كثيراً، علما بأن هذا الحادثه يعرفها الكثير من أبناء السبع عموماً والجراوين خصوصاً.
يذكر أنه في بداية خمسينيات القرن الماضي تقريباً توفي الشيخ حديثة الخريشا رحمه الله ، فذهب المرحوم سالم عيد أبو غليون أبو يوسف لأداء واجب العزاء ثم قام ودعا أبناء المرحوم فما كان منهم إلا أن لبوا الدعوة وحددوا يوم الغد للحضور، ونصحه بعضهم بأن يعتذر بأي سبب لأنه لا يمتلك المال لإتمام الوليمة ، فرفض وقام عندها واتجه نحو سحاب على أمل أن يستقرض تكلفة الوليمة من صاحب له ، وفي الطريق صادفه شخص من بني صخر يدعى جدي الكسيبة ومعه قطيع من الأغنام .
وبعد اختيار نعجتين رفض صاحب الأغنام إلا البيع نقداً لأنه لا يعرفه ، فتدخل شخص من الحضور وقال أنا أكفل السبعاوي، إذ لا يمكن أن يعزم الخرشان ويكون محتالاً، وبعد أن أولم وأكرم أهل الميت قام أبو يوسف ببيع الجمل الذي يملكه ويحرث عليه ولا يملك غيره من أجل سداد ثمن الوليمة.
يؤرخ عربان السبع عام 1947 م من القرن الماضي بـ سنة شحن الحلال، وذلك بسبب قحط (محل) أصاب المنطقة، حيث قام الناس بالإنتقال إلى مناطق شمال فلسطين بسبب خصوبة الأرض، وقام بعضهم بشحن المواشي بالسيارات الكبيرة، وصادف أن تأخر الحاج محمود أبو غليون يرافقه أحد أبناء الجراوين، وفي جلسة استراحة أثناء المسير قال الحاج محمود لرفيقة انتظر في هذا الحقل كي تأكل الفرس والإبل وأنا أريد أن أذهب لبيت الشعر المقابل حتى أشرب فنجان قهوه وأعود لك، فلما أن وصل للبيت لم يهتم به المعزب ولم يجدد له القهوه كعادة العرب ثم حضر ضيوف اثنان فما كان من المعزب إلا أن جدد لهم القهوه، وبعد ان احتسوا القهوة معاً قام المعزب وضيوفه مخلاوية غرب البيت وجرى حديث بينهم ارتفع على إثره صوتهم فما كان من صاحبة البيت إلا أن قالت حسبنا الله على إلي قطع النصيب، فسمع الحاج محمود كلمة صاحبة البيت وفهم منها أن أمر المخلاوية ما بين المعزب (صاحب البيت) تتعلق بأمر زواج . وعاد صاحب البيت، أما الضيوف ركبوا خيلهم وانطلقوا ، فما كان من الحاج محمود إلا أن قال للمعزب على مإذا اختلفتم؟ فقال المعزب: ما بخصك، وكرر عليه السؤال، فقال المعزب: اختلفنا على 5 جنيهات ،فما كان من الحاج محمود إلا أن قال هذا مبلغ هين ثمن حمارة فرد المعزب بزعل قادر تدفعة فقال الحاج محمود له تكون مثل أمها إذا ما رجعتهم، وفعلاً نادى المعزب عليهم ورجعوا وقام الحاج محمود بإخراج صفنه ( محفظته ) ورماها في حضن المعزب وقال خذ ما تريد فأخذ المبلغ واندهش لكثرة المال وتم الزواج، و من حيرة المعزب بعدها على تقصيره بحق الضيافة التفت ورأى من بعيد رفيق الحاج محمود ومعه الفرس والإبل فما كان منه إلا أن تغافل الضيوف أثناء حديثهم مع بعضهم وانطلق نحوه وسأله لمن هذه فقال هي للحاج محمود أبو غليون، ثم عاد واعتذر وجدد القهوه وذبح و أولم .
تحيه لابن العشيرة عبد الرحمن خضر أبو غليون احد افراد القوات المسلحة الأردنية على الحدود السورية ، إذ نشرت قناة الجزيرة الفضائية على موقعها الالكتروني صوره له وهو يحمل طفلا سوريا التجأ هو وعائلته إلى الأردن عبر الحدود الأردنية السورية .
الصورة تم تداولها على المواقع الاخبارية العالمية واضافت محطة الجزيرة في تعليقها اسفل الصورة ( اثار جندي اردني من قوات حرس الحدود اعجاب العالم بأسره بسبب ما فعله مع رضيع سوري هرب من بلده ولجأ إلى المملكة مع ذويه خوفا من الحروب ، وجاء هذا بعد ان اقدم الجندي على حمل الطفل وهو يبكي في حضن والدته تعبا وجوعا وعطشا حيث وصل المملكة بعد ان قطع مسافات طويله في ظل درجات الحراره المرتفعه ، اما الامر الذي ادهش بل اثار اعجاب العالم هو بكاء الجندي على هذا الرضيع وتقبيله له واحتضأنه دون كلل او ملل بالاضافه إلى احضار الماء ليسقيه الماء ووالديه المتعبان ) .