هجرة سالم الجروان
بقلم: محمد بن سلمان بن جراد أبوغليون الجروان
عانت منطقة الجزيرة العربية والوطن العربي بصورة عامة أبان الحكم العثماني من الفوضى والظلم والفقر، حيث سادت في الجزيرة العربية الأجواء القبلية المشحونة بالصراعات والغزو والسلب والنهب والثارات العشائرية، وفي هذه الأجواء المضطربة ترعرع سالم بن علي الجروان مع اخوته وأبناء عمومته غشوم الحبلان في منطقة المذنب وما حولها، وذلك في أجواء صراع واقتتال ما بين عنزة ومطير وحرب وشمر والضفير ، وقد مهدت هذه الأجواء وما سبقها لمعركة كبيره سميت (مناخ كير)، دارت رحاها في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي تقريباً، وكان من نتيجتها أن أُصيب الشيخ جديع بن هذال ( المكنى براعي الحصان ) بجراح من قبل أحد خصومة من الدهامشة ويُدعى ظاهر الشليخي فأقتنص الفرصة أحد فرسان مطير ويُدعى مسعود البريعصي ( يلقب بـ حصين أبليس ) فأجهز على الشيخ جديع بن هذال وقتله.
وبمقتل الشيخ جديع فارس نجد وراعي الحصان تكون قبيلة عنزة خسرت أكبر وأشهر فرسأنها لا سيما وأن أخيه مغيليث كان قد قتل في بداية المعركة، وبذلك تضعضع موقف قبيلة عنزة بعد مقتل شيخها وأخيه، الأمر الذي نتج عنه حالة من الفوضى وتصفيه للحسابات وثارات أدت إلى مقتل كثير من الأبرياء.
في هذه الظروف الصعبة نصب الحميدي بن هذال نفسه شيخاً لقبيلة عنزة خلفاً للشيخ جديع الأمر الذي أدى إلى التكتل والإصطفاف بين أبناء العمومه، ونتج عن هذه التكتلات معركة شرسة سميت ( كونة المربع ) وكان أطرافها زيد بن مغيليث بن هذال وابن عمه مزيد بن مهلهل بن هذال، ونتج عن كونة المربع مقتل الطرفين المتقاتلين زيد ومزيد، وبذلك ثبتت المشيخة لعمهم الحميدي بن هذال.
ونتيجة لهذه الأحداث المتسارعة وما سبقها من اضطرابات، والتي أدت إلى مقتل أعداد كبيرة من أبناء العمومة من الحبلان والعشائر الأخرى، فقد نأى كثير من العقلاء من الحبلان بأنفسهم عن هذه الأجواء المأسوية، وذلك بالإبتعاد والهجرة إلى العراق وبلاد الشام، حيث كانت أكثر أستقراراً وأمناً من مناطق نجد، علاوة على كثرة المراعي، وتوفر مصادر المياه، وكان ممن هاجر بسبب هذه الأوضاع جدنا سالم بن علي الجروان وإخوته سليمان وسيف وغيرهم, إذ توجه سالم الجروان وإخوته إلى شمال الأردن، وأثناء المسير توفي سليمان بن علي الجروان في منطقة الرويشد، وتابع سالم الجروان هجرته باتجاه فلسطين قاصداً ديرة غزة، بينما اتجه أخيه سيف إلى منطقة النخيب والهبارية في العراق ( ما بين النهرين )، وعليه نرى أن هذه الظروف والأوضاع التي عاشتها قبيلة عنزة وغيرها من القبائل أدت إلى نزوح الكثير من العشائر طلباً للأمن والأمان والرعي والماء, وسالم الجروان وأخوته خير مثال على هذه الهجرات القسرية.
محمد بن سلمان بن جراد أبوغليون الجروان ، مدون ونساب ومؤرخ من مواليد 1953 انهى المرحلة الثانوية من كلية الحسين 1972 ويحمل بكالوريوس ادارة اعمال من جامعة بيروت العربية وقد عمل في القطاع الخاص في كل من السعودية والاردن وكذلك عمل في شركة الكهرباء الاردنية ، وهو من وجهاء العشيرة وممن عركتهم الايام والسنين بالصبر التضحية في سبيل رفعة عشيرته وبلده ، ذا فكر واطلاع واهتمام واسع بالشأن العشائري والانساب .