الشيخ الحاج سليمان غيث أبو غليون

هو الحاج سليمان بن غيث بن سلامة بن علي بن سلمان بن سلمي بن سالم الجروان ولد سنة 1884م في ربوع بئر السبع، وهو حفيد الشيخ سلامة أبو غليون أول شيخ للجراوين، وأول من عين شيخاً في منطقة بئر السبع، تلقى تعليمه مبكراً فحفظ القرآن وأتقنه، وحفظ الروايات، ودروس اللغة العربية ، مما اكسبته ثقافة ومعارف متنوعة، وكان يتقن اللغة التركية، ولقد عُرف عن الحاج سليمان الجرأه، وحسن العشرة، والتواضع، والرغبة في الممازحة، وكان يُشار إليه بالفضيلة بين شيوخ العشائر في ذلك الزمان .

 

عُين الحاج سليمان بوظيفة مستنطق ( مدعي عام )في السرايا من قبل الحكومة التركية، وكان شيخاً لعموم الجراوين، ولما إنتهى حكم الأتراك، ودخل الإنتداب البريطاني، قام بتقسيم الجراوين إلى ثلاث عشائر، ولما إحتل اليهود النقب وحكموا فيها، بقي الجراوين بعشائرهم الثلاث في أراضيهم إلى أن تم ترحيلهم إلى منطقة إمويلح كركور جبراً واكراهاً رغماً عن إرادتهم.

قابل الشيخ سليمان (حاييم وايزمن) ( ) أول رئيس دولة لإسرائيل، وقال له بالحرف الواحد: ” أنتم لستم حكومة، أنتم عصابات وقطاع طرق، لأنكم طردتمونا من أرضينا إلى أراضِي جرداء قاحلة لا تصلح للزراعة، وليس فيها ماء للشرب”  فرد عليه: “إذا كنت تريد أن ترحل للأردن أو مصر وتبيعنا بياراتك و أملاكك فنحن مستعدون لشرائها بأغلى الأثمان” فأجابه الحاج سليمان: ” يا حاييم والله لو تدفع جميع ما تملك في دونم واحد من أرضي فلا يمكن أن تفرح به” 

كان الحاج سليمان لا يقطع فرضاً ومتصوفاً و متمسكاً بالدين الحنيف، وقد حج إلى بيت الله الحرام مرتين عن طريق البحر من ميناء بورسعيد إلى جدة، وكان كريماً وشجاعاً حيث تبرع لبلدية بئر السبع مرات عديدة، لقد كان ضيوفه في الليلة الواحدة يصل أحيانا إلى أربعين رجلاً ونيفاً، وكان في سنين القحط يفتح أبار الحبوب، ويوزع منها على الفقراء و المساكين والمحتاجين بدون مقابل، وكان من الملاكين الكبار حيث قال: “لا يوازيني في قضاء بئر السبع بالأملاك إلا إثنين أو ثلاثة .

كان الشيخ سليمان من المؤسسين لجمعية البدو العربية التي تاسست عام 1934م، لمناهضة تسرب الأرض لليهود ، كما قابل المندوب السامي في فلسطين وحثه على تطويب أراضي قضاء بئر السبع. فرفض كثير من البدو هذا الاقتراح بحجة أنهم بسبب إنحباس الامطار والمحل لا يستطيعون دفع ضريبة الطابو (الويركو) وبقي قضاء بئر السبع مع الأسف بدون طابو حتى إنتهاء الإنتداب عام 1948م.

 حضر المؤتمر العام للفعاليات الوطنية في بيت الشرق في القدس، الذي دعا إليه الحاج أمين الحسيني لاستفتائهم حول القبول بقرار التقسيم عام 1947م، الصادر عن الأمم المتحدة من أجل إنشاء دولتين في فلسطين ورفض الحضور بشدة الأخذ برأيه بالموافقه على القرار، كما كان أحد المدعوين لمؤتمر أريحا، حيث أنتدب إبنه حماد لينوب عنه، وكان من رجالات فلسطين المعدودين الذين شاركوا في تأسيس الهيئة العربية الاسلامية العليا في القدس، وكانت تربطه صداقة حميمه مع سماحة الحاج أمين الحسيني ويذكر أنه طلب منه إستخدام نفوذه لمنع ضعاف النفوس من بيع أراضيهم لليهود بسبب القحط والمحل وانحباس الامطار، وفعلاً دعا الحاج أمين الحسيني جميع مشايخ ووجهاء بئر السبع،  جمعهم واستحلفهم بالله لمكافحة بيع الأراضي لليهود. 

كان رحمه الله غيوراً على المصلحة العامة، حيث عرض على رئيس بلديه بئر السبع السيد شفيق مشتهى، جر المياه من بياراته إلى أهالي وسكان بئر السبع، حيث كانت المياه شحيحة، وقد استقبل قائد الحامية المصرية حلمي جمعة ووجهاء سكان مدينة بئر السبع داخل بيارته، وبعد أن قدم لهم  طعام الغداء، تحدث القائد المصري عن ضرورة الحشد والدعم الشعبي من أجل حماية المدينة، فما كان من الشيخ سليمان أبو غليون الا أن قدم  سيارته الخاصة كتبرع من أجل دعم المجهود الحربي، إذ عملت على نقل المناضلين من الدنقور شرق رفح إلى الحصب وكرنب، وذلك لقطع الطريق على اليهود كما واستخدمت لنقل الأسلحة والعتاد والأرزاق من القنطرة إلى بئر السبع، يُذكر أن الشيخ سليمان أبو غليون رحمه الله، كان قد اشترى هذه السيارة بمبلغ   (3000) جنية فلسطيني عام 1945م، من شخص يدعى اندراوس شامية في  يافا، وهي من نوع شفرولية بحمولة 4 طن موديل 1942 وكان إبنه الحاج ابراهيم أبو غالب يقودها إذ حصل على رخصه سوق من غزة؛ لوحة        m545m. هذا وقد توفي الشيخ سليمان بحسرته ولوعته على الوطن الذي ضاع وذلك في عام 1955م، ودفن في مقبرة المصدار في عمان . 

( 1 ) عشائر الجراوين أنسابهم و تراثهم / محمد علي ابو غليون / صفحة 38 ( رقم الايداع 3724/12/2007 رقم التصنيف 929،2 ).
  ( 2 ) إبراهيم سليمان غيث أبو غليون